بداية، سنعرض للمزايا التي يمكن الحصول عليها من استخدام هذه الوسائل، والتي تتمثل في:
- سهولة الإتصال، وخلق فرص عمل، وتبادل الخبرات، والتعبير عن الآراء، ونشر الإعلانات، وتسويق السلع، وتقديم الخدمات، والترويج لحملات التوعية.
- التعلم الذاتي من خلال ما يتمّ نشره من فيديوهات ومقالات ومعلومات ودراسات متنوعة.
- التعرف على الآخرين، وتكوين أصدقاء جدد، مما يزيد التقارب والتعاطف بين الشعوب المختلفة.
- التواصل مع الأصدقاء ومشاركتهم التغيّرات التي تحدث خلال مراحل الحياة مثل الدراسة والعمل.
بالمقابل، تشير الدراسات والأبحاث إلى أنّ الإستخدام المفرط لمواقع ووسائل "السوشيال ميديا" له تأثيرات سلبية على معظم جوانب الحياة، وعلى مختلف الفئات العمرية وخاصة الأطفال والمراهقين والشباب، وهم أكثر الفئات التي تستخدم وسائل التواصل الإجتماعي.
ويُرجع الباحثون سبب إدمان هذه الوسائل إلى أنّ دماغ الإنسان يفرز كمية صغيرة من الدوبامين - وهو الهرمون المسؤول عن السعادة والرضا - عندما يصله إشعار من أحد حساباته على هذه المواقع، ومع كلّ إشعار يصل فإنّ دماغه يصبح متحمّساً.
وقد أكد العلماء أنّ إدمان "السوشيال ميديا" يضرّ بالصحة النفسية، ويبرز ذلك من خلال:
- تعوّد الفرد على التواصل غير المباشر مع الغير مما يؤدي إلى رغبته في العزلة والإبتعاد عن الناس والإنقطاع عن الواقع، ويتجه بعد ذلك إلى الإنغماس في العالم الافتراضي. ونتيجة لذلك، يُصاب بالاكتئاب والانطواء والقلق والتوتر والفوبيا الاجتماعية.
- المقارنة المستمرة مع الآخرين ووضع توقعات مرتفعة لأنفسهم وللآخرين، مما يؤدي إلى انخفاض الثقة بالنفس، ونقص تقدير واحترام الذات، وعدم الرضا عن صورة الجسم، والشعور بالغيرة والذنب والدونية.
- التغيّرات المزاجية، والإستثارة العصبية، والشعور بالوحدة والتعاسة، والتفكير السلبي.
- إضطراب نمط الحياة (النوم والتغذية والرياضة)، مع إضاعة الوقت.
- الإضطرابات المعرفية مثل النسيان وضعف الإدراك وتشتت الإنتباه وفقدان القدرة على التركيز، والشعور بالتشويش.
- مشكلات في الحياة الشخصية، مثل انعدام الخصوصية، والخيانة العاطفية.
- ازدياد مشكلات التنمّر، والتحرش الإلكتروني، والإبتزاز من الغرباء.
- وعلى الصعيد الإجتماعي، تتمثل أبرز المخاطر فيما يلي:
تقليل فرص التواصل الواقعي والمباشر بين أفراد المجتمع، وانخفاض مهارات التواصل الإنساني، وعدم التعبير الفعلي عن العواطف، وعدم مشاركة المشاعر واستبدالها برموز وصور، ممّا يسبّب التبلد الإنفعالي، وتفكك العلاقات العاطفية والإجتماعية والأسرية.
الإسهام في ارتفاع معدّلات الجريمة، والعنف، والسلوك العدواني، وانتشار الأفكار المتطرفة، وكثرة المواقع الإباحية، وسهولة نشر الشائعات والأخبار الكاذبة التي تؤدي إلى انتشار الفوضى في المجتمع.
- أما على الصعيد الصحي، فقد تبيّن ظهور مشكلات صحية متعددة مثل:
- الإرهاق
- الأرق
- السمنة
- أمراض القلب والشرايين وضغط الدم
- أمراض العيون
- ضعف الجهاز المناعي نتيجة التعرّض للأخبار الضاغطة والحمل الزائد للمعلومات.
لقد أصبحت "السوشيال ميديا" جزءاً أساسياً في حياتنا اليومية، فهي تقدّم العديد من الفوائد على الأصعدة الإجتماعية والمهنية، وتسهّل الكثير من الأعمال والمهام. إلا أنها أسهمت في انتشار مفاهيم خاطئة، وتدمير منظومة القيم الأخلاقية، والأخطر أنها فتحت المجال أمام الأشخاص السطحيين والمزيّفين والنرجسيين والمضطربين في التأثير السام على المجتمع. والحلّ للمشكلات الناتجة عن هذه الوسائل ليس في الإبتعاد التام عنها، ولكن في جعل الأفراد أكثر وعياً بمخاطرها، وتنظيم الوقت المخصّص لاستعمالها بما يحقق توافقهم النفسي والإجتماعي ويحافظ على مجتمع سوي ومنتج.